"عالم ما وراء العقل"
المعلومات تتطاير من حولنا فقط بإدارة مفتاح الراديو أو جهاز تحكم التلفاز أو فتح اتصال الإنترنت ليُثار عالم معلوماتي لا حصر له. والعنصر المشترك في ما سبق هو وجود شبكة معقدة من المرسلات والمستقبلات حول العالم. سوف نُدهش لا محالة إذا سنحت لنا الفرصة وكُسر حاجز الرؤية بكمية الموجات الصوتية بتردداتها المختلفة من حولنا, ورحيل أشعة الليزر في الفضاء, وانعكاس الإشارات وتشتتها في الأفق وكلذلك فوق مستوى قدرة المستقبلات الإنسانية.
أجسامنا هي أيضا لها قدرة على الاستقبال والإرسال بشكل فعال. فالإنسان صوته ونبرته واختيار الكلمات وتعابير وجهه ولغة جسده جميعها مرسلات قوية. وبالعكس فإن حواس السمع والذوق والشم والرؤية واللمس هي مستقبلات ذات جودة عالية لها القدرة على تحليل معلومات كثيرة في الثانية الواحدة والتي بدورها ترسلها إلى الجهاز العصبي المركزي (المخ) لتعالج هناك لتأتي الاستجابة على شكل نبض عصبي.
الطريقة المبسطة لفهم هذه العملية فقط علينا التنبه والتفكير في كمية المعلومات التي نستقبلها عندما نخطو الخطوة الأولى من بوابة المنزل. جميع حواسنا تبدأ باستقبال المعلومات لترسلها إلى المخ بما يخص تغير درجة الحرارة مثلا والرطوبة في الهواء وشدة الشمس وحركة الطيور في الجو. ربما شممنا بشكل لا يصاحبه خطأ ريحة خبز شهي من مخبز بالجوار أو رائحة القهوة العربية الأصيلة تعبق من بيت الجار أو رائحة البخور الفاخر تفوح من مسجد الحارة. كل هذه العناصر مجتمعة منحتنا معلومات سريعة جدا وفي ثوانٍ عن البيئة المحيطة بعد الخطوة الأولى فقط من عتبة البيت.
كل ما في داخل الانسان في حركة مستمرة ما دام حيا من جزيئات وخلايا وحتى افكار وقد تمكن العلم مؤخرا من الاستفادة من هذه الحركة التي تعج بها جزيئاتنا الدقيقة فمثلا أشعة الرنين المغناطيسي المستخدمة في المجال الطبي تعتمد في تصويرها للجسم على إثارة حركة جزيئات الهيدروجين الموجودة بكميات كبيرة في جسم الانسان خاصة في مركبات الماء والدهون فعند اثارتها بمجال مغناطيسي كبير فإنها تتحرك وتتمايل وتصدر رنينا ذو موجات تُرصد عن طريق الجهاز وترسم موقعها وشكل النسيج باعث الرنين.
على المستوى الفكري نحن نرسل كمية وحزم معلوماتية عبر كل تفكير وعاطفة تجول "فقط" في خواطرنا. وبعكس ما نظن مخطئين أن هذه المعلومات ستظل حبيسة أجسامنا فإنها قد تخرج منا "كرها" في شكل من أشكال الطاقة والتي قد تُستقبل عن طريق الآخرين. والحقيقة غالبا ما نكون غير واعيين وملاحظين لمصدر هذه الإشارات ورغم ذلك نستقبل نبض وإشارات فكرية وعاطفية والهاما من الآخرين او من مصدر غير معروف او مصدر رباني مثل إشارات الحواس الأخرى تماما وبنفس الطريقة.
يقول رب الأنام "أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها "الانعام/122 وكما يعتقد ابن القيم ان أصل الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده فيحيا القلب بذلك ويستنير فلا تكاد فراسته تخطىء لذا يقول الرسول علية الصلاة والسلام " اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله "(الترمذي) وروي عن الجنيد انه يوما يتكلم على الناس فوقف عليه شاب نصراني متنكرا فقال : أيها الشيخ ما معنى قول النبي : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله فأطرق الجنيد ثم رفع رأسه إليه وقال : أسلم فقد حان وقت إسلامك فأسلم الغلام.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : أفرس الناس ثلاثة : العزيز في يوسف حيث قال لامرأته : أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا (يوسف/21) وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى : "استأجره" (القصص/26) وامرأة فرعون حين قالت : قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا (القصص 9).
وعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال دخلت على عثمان بن عفان رضي الله عنه وكنت رأيت امرأة في الطريق تأملت محاسنها فقال عثمان رضي الله عنه : يدخل علي أحدكم وأثر الزنا ظاهر في عينيه فقلت : أوحي بعد رسول الله فقال : ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة (مدارج السالكين - (ج 2 / ص 485) .
وحسب مفاهيم العلم المعاصر هناك عدة مسميات وتعريفات لاستقبال وإرسال الإشارات الفكرية والعاطفية ونبضات الالهام. والحدس قد يكون المصطلح الاشمل الذي يستوعب بداخله معانٍ أخرى. والحدس قد يظهر على شكل طاقة أو اهتزازات مختلفة الشدة وتأخذ أشكالا عدة. فمثلا التلي باثي(TELEPATHY) هو عبارة عن انتقال الأفكار غير المنطوقة عن طريق اللا وعي الإنساني من شخصٍ لآخر وعادة ما يسمى "بقراءة الأفكار". واستقبال الطاقة من الطبيعة(Aura Perception) هي القدرة على رؤية مجالات او هالات الطاقة حول كل ما هو حي وأحيانا الميتة. وقد تعكس الألوان هذه الطاقة الحالة الصحية للجسم والروح. (PERCEPTION OF OTHER REALMS) وهذا النوع من الحدس يتجلى في القدرة البصرية على استقبال إشارات وموجات من الطاقة من بعد آخر من هذه الحياة. وهذا النوع يستوعب استقبال إشارات وموجات من الطاقة من أناس نحبهم توفاهم الله أو حتى من أناس لا نعرفهم أحيانا وما عالم الأحلام الا مثال جلي. القدرة على استحضار الإشارات من الجماد تسمى(PSYCHOMETRY) وذلك عن طريق ضم هذا الجسم في يدٍ واحدة ، ومن الممكن لبعض الأشخاص استخلاص معلومات عن هذا الجسم و الشخص الذي يملكه والذي ترك أثرا ما عليه. والانطباع قد يُستقبل عن طريق صورة بصرية أو كلمات أو أفكار أو إحدى عناصر الحواس الخمس أو جميع ما سبق فقدرة قصاصي الأثر ربما اندرجت تحت هذا التعريف. وقد يُصنف الحدس من خلال نافذة الزمن. فالقدرة على حدس شيء قبل حدوثه تسمى (PRECOGNITION) وحدس المستقبل قد يظهر في حالة الوعي التام (اليقظة) او في الأحلام اثناء النوم. اما حدس ما حصل في الماضي فيدعى(RETROCOGNITION).
لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هي كيفية معرفة متى نستقبل هذه المعلومات؟ وكيف نتعرف على الاشارات التي تعنينا في خضم هذا الكم المهول من الإشارات والموجات المسافرة حولنا كل يوم؟
في الواقع ربما اقترن الحدس بعلامات كاشارات تحذيرية لحدوث شيء ما تظهر على شكل أعراض جسدية كالقلق والآلام والشعور غير المريح في المعدة وانهمار الدموع بشكل تلقائي وبرودة في الأطراف وأسفل الظهر وشعور بانفتاح في منطقة القلب. لذا يستقبل بعض الناس معلومات تلقائيا على شكل مشاعر مثل الشعور بعدم الراحة او الإهتمام المفاجيء او الضبابية. وفي الطرف الآخر عندما تكون هذه الإشارات هي ايجابية المنشأ فتظهر على شكل فرح وسعادة غامرة بلا سبب معروف او الشعور بامان بشكل ملفت.
إن الحدس موضوع فلسفي علمي دقيق، يصعب إدراك معناه بالاطلاع على قواميس اللغة العربية؛ لأنها لا تعطي كلمة "حدس" هذا المضمون الكبير، فالحدس في اللغة العربية هو التخمين والظن والتخيل والتوهم والتوقع والتصور والفراسة (القاموس المحيط - (ج 2 / ص 74). هذه بعض معاني كلمة "حدس"، ومن الواضح أنها لا تستطيع أن تفي الحدس المعنى العلمي الفلسفي أو الأدبي أو الفني أو الأدائي، لكن لا يوجد بديل آخر للتعبير عن هذا المعنى العميق والدقيق، ويستطيع أن يُفهم المعنى من السياق، أما بعض الكتاب فيستعينوا بألفاظ أخرى مثل الاستبصار و الاستبطان والإلهام والوثوب الذهني.
لذا الحَـْدس هو إدراك مباشر لما يراد معرفته دون الاستعانة بالعقل أو الحواس، وهي معرفة تأتي إلى الشخص دون أي تذكُّر واع أو مبررات عقلية شكلية. ويدعو بعض الناس الحدْس خطأ الحاسة السادسة، ولكن منتقدي هذه الفكرة يقولون إن الحدس هو استدلال سريع له مبررات عقلية مرتكزة على حقائق معروفة. يزعمون بأن الحدسيرتكز على الخبرة؛ وخصوصًا خبرة الأشخاص ذوي الحساسية المرهفة. فالخبرة الشخصية هي مخزون من الذكرياتوالانطباعات. وهذه النتف من الخبرات ـ إذا توفر لها حافز مناسب ـ تتشكل أفكارًاوأحكامًا. وعندها نقول إن الشخص يعرف شيئًا، ولكنه لا يستطيع أن يقول من أين أتتتلك المعرفة. ويدعو الناس هذا النوع من الانطباع المفاجئ حدسًا أو إلهامًا(الموسوعةالعلمية). وكما يرى الجرجاني ان الحدس هو سرعة انتقال الذهن من المباديء الى المطالب ويقابله الفكر(التعريفات - (ج 1 / ص 27).
والحدس كما يعرفه عالم النفس الشهير "كارل يونغ "الحدس سياق غير شعوري، فكرة مفاجئة أو شعور بأن شيئاً، ما سيحدث، وهو يشبه سياق الإدراك، خلافاً لفعاليات الحواس والاستبطان، وهذا ما يجعلنا نتكلم عن الحدس باعتباره فعل فهم غريزياً وسياقاً شبيهاً بسياق الغريزة.. مع الفرق، وهو أن الغريزة دافع يهدف إلى تنفيذ فعل بالغ التعقيد، على حين أن الحدس هو فهم غير شعوري لوضع بالغ التعقيد، لذلك كان الحدس بمعنى ما في موقع معاكس للغريزة".
وباختصار الحدس حسب تعريف بعض العلماء إدراكُ الأحداثِ والأشياء والناس دون استخدام حواس السمع والبصر والشم والتذوق واللمس. وهو شكل مهم من الإدراك وراء الإحساس.
والحقيقة فصل الحدس عن عالم الشعور عملية يصعب اثباتها وبالغة التعقيد وليست باقل من نزع الحدس من عالم الميتافيزقيا (ماوراء الطبيعة). فما زال الإنسان بوجوده على البسيطة وتفاعلاته مع البيئة المحيطة معادلة غير قابلة للحل عمليا.
لكن تاريخيا وعبر العصور كان للحدس حضوارا واضحا عبر الحضارات والاديان. ففي العصر الاسلامي اهتم بالحدس ابن سينا والفارابي ثم الغزالي وأخرون. وترددت مرادفات الحدس في مقولات عظماء صدر الاسلام فيروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول: "من لم ينفعه ظنه (حدسه) لم تنفعه عينه".
ومعاني الحدس ودهاليزه ذكرت في مواضع في كتاب الله عز وجل. يقول عز من قائل "فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ"( هود/70 ). وللمتأمل في مفردة "أَوْجَسَ " ربما تجلت احدى معاني الحدس. يقول السيد طنطاوي في الوسيط { وَأَوْجَسَ } من الوجس وهو الصوت الخفى ، والمراد به هنا : الإِحساس "الخفى" بالخوف والفزع الذى يقع فى النفس وفي تفسير البحر المحيط عن مقاتل : فأوجس وقع في قلبه وعن الحسن : حدث به نفسه ، قيل : وأصل الوجوس الدخول ، فكأن الخوف دخل عليه. والوجيس ما يعتري النفس عند أوائل الفزع ، اوجس الرجل قال الأخفش: خامر قلبه وقال الفراء: استشعر وقيل احس. ووجس في نفسه كذا خطر بها يجس وجسا ووجوساً وتوجس تسمع وتحسس.
إن استخدام الحدس في الوصول للمعرفة قد عرفه الصوفية في الإسلام؛ حيث يرون أن المعرفة العقلية وإن كانت أكثر رسوخًا إذا ما قورنت بالمعرفة الحسية، إلا أن العقل له مجال محدود لا يتجاوزه، ويأتي دور الحدسفي اختراق ما وراء العقل، والحدس لدى الصوفية هو نور يقذفه الله في قلب الصوفي، بيد أن الأحكام الشرعية لا تبنى عليهما. ورغم معارضة الكثير من علماء الامة لما عليه الصوفية يعترف أبو حامد الغزالي أن المعرفة الحقة هي التي تكون عنطريق الحدس؛ أي المعرفة المباشرة. ويرى الغزالي أن الإيمان قد يقتضي من الإنسان البحث والنظر ومعرفة الاستدلال والاستنباط لإثبات وجود الله، لكنه يعتقد أن الإيمان فيالمحصلة النهائية نور يقذفه الله في قلب العبد فينكشف له اليقين انكشافًا. فالغزالي لم يفارق الشرع لكنه يتفق مع هؤلاء في فرع من فروع المعرفة، وهو المعرفة الحدسية أو المعرفة المباشرة أو الإدراك المباشر الذي لا يحتاج إلى وسائط حسية معرفية. ويعول الغزالي في النهاية على هذه المعرفة فيتحصيل اليقين (تفسير النيسبوري ).
الاحلام كما ذكر آنفا احدى الطرق التي خلقها الله عز وجل للتواصل مع عالم أخر من الموجات والتي ربما كانت غيبية ماضية او مستقبلية حيث يرحل الوعي. قال الحكيم في تفسير "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" (الشورى/51) وكل الله بالرؤيا ملكا اطلع على أحوال بني آدم من اللوح المحفوظ فينسخ منها ويضرب لكل على قصته مثلا فإذا نام مُثل له تلك الأشياء على طريق الحكمة لتكون له بشرى أو نذارة أو معاتبة. وكذلك عالم الجن قد يتواصل معنا عن طريق الحواس او الايحاء او تلبس الحدس او الاحلام الشيطانية (ابن حجر في فتح الباري ). وللمتبصر ايضا في تشريع صلاة الاستخارة عبرة فعندما يستخير المسلم هو طلب من العبد لربه لتواصل معه عن طريق الحدس بأن يشعر باطمئنان في تغليب خيار على آخر فهذا الشعور هو عبارة عن موجات حدسية ربانية المصدر. وقد قال الله تعالى "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ" (الحجر 75 ) وقد فسر كبار علماء التفسير ان احد معاني التوسم هو الحدس وقال ابن عباس المتوسمين اي المتفرسين (دروس للشيخ محمد المنجد - (ج / ص17). والفراسة كما صنفها ابن القيم ثلاثة اقسام وقد تكون في مجال الشر والرذيلة كما هو في العالم غير المسلم او الشيطاني ولكن ما يعنينا هو الفراسة والحدس الحق الالاهي.
والمعادلة كما وضحها الكتاب والسنة كالتالي: مزيد من التقرب من الله والبعد عن محرماته مزيد من التواصل مع الله واحد طرقه الحدس. قال احد العلماء من غض بصرة فتح الله بصيرته جزاءا وفاقا ومن ضيق على نفسه في عالم الشهادة (الدنيا) وسع الله عليه في عالم الغيب يقول الله تعالى "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ"( النور 30 ) ويقول عز من قائل "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ" (غافر 19 ) ويقول خالق الاسرار"أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى" (العلق 14 )
وفي صحيح البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل قال : من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني عبدي أعطيته ، ولئن استعاذ بي لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته » (الأسماء والصفات للبيهقي - (ج 3 / ص 69)
والحمد لله رب العالمين
عبدالإله مذكور.
إرسال تعليق